حول ال أنصار الشعب اليهودي

إن مواقف السكان المحليين تجاه اليهود خلال فترة المحرقة تراوحت ما بين اللا مبالاة والعداء. لقد اكتفت الغالبية بالاطّلاع على جيرانهم السابقين دون تحريك ساكن عندما تم اعتقالهم ثم قتلهم ؛ وقد تعاون البعض مع مرتكبي الجرائم ؛ فيما استفاد كثير من الآخرين من مصادرة ممتلكات اليهود. وفي هذا الواقع من الانهيار الأخلاقي كانت هناك قلّة قليلة تحلّت بالشجاعة الخارقة لصيانة القيم الإنسانية من خلال المخاطرة بحياتها من أجل إنقاذ حياة اليهود. إن هؤلاء الأفراد معروفون باسم أنصار الشعب اليهودي.

إن أحد أهم المهامّ الملقاة على عاتق مؤسسة (ياد فاشيم) هو التعبير عن شكر وامتنان الشعب اليهودي لأنصاره الأشراف. لقد تم تحديد هذه المهمة لأول مرة في القانون الذي تمخضت عنه مؤسسة (ياد فاشيم) ، حيث أطلقت المؤسسة عام 1963 مشروعاً على نطاق المعمورة جمعاء لمنح وسام "أنصار الشعب اليهودي" للأفراد القلائل الذين وفروا الحماية لليهود من القتلة. وتم لهذه الغاية تشكيل لجنة عامة ترأسها قاضٍ في المحكمة العليا للنظر في أي حالة تُطرح عليها وتولي المسؤولية عن منح الوسام الآنف الذكر. ويتم كل عام منح أولئك الذين تقرر تكريمهم ميدالية وشهادة تقدير إلى جانب تخليد أسمائهم في "جبل الذكرى" المقام داخل مقر مؤسسة (ياد فاشيم) في أورشليم القدس.

إن هذا المشروع يمثل محاولة منقطعة النظير من جانب شعب ما للإشادة بأفراد أمم أخرى وقفوا إلى جانبه في فترة من الاضطهاد والمأساة. وانطلاقاً من مبدأ تحمل أي فرد المسؤولية عن تصرفاته فإن هذا المشروع يرمي إلى التنويه بأحقية الاعتراف بمميزات الأفراد الذين ساروا بخلاف الاتجاه السائد وأنقذوا الضحايا المستهدفين من خلال تعريض حياتهم الشخصية للخطر الكبير.

لقد جاء أنصار الشعب اليهودي من شعوب كثيرة (إذ كرّمت مؤسسة ياد فاشيم حتى الآن أفراداً من مواطني 42 دولة): إنهم مسيحيون من جميع الطوائف ومسلمون ، بعضهم متدينون وبعضهم الآخر من أتباع مذهب اللا أدرية ، وهم من الرجال والنساء وينتمون إلى مختلف فئات المجتمع والأعمار ، ومنهم مَن كان من المهنيين المثقفين ومَن كان من الفلاّحين الأميين. غير أن القاسم المشترك الذي يجمعهم ما هو إلا روح الإنسانية والشجاعة التي أظهروها من خلال الالتزام بمبادئهم الأخلاقية. وقد كرّمت مؤسسة (ياد فاشيم) بحلول عام 2007 ما لا يقل عن 22 ألفاً من أنصار الشعب اليهودي الأشراف.

أيها القارئ ، إننا نودّ أن نتقاسم معك في الفقرات التالية عدداً من قصص هؤلاء الأفراد المميزين.