الدوام:
الأحد-الخميس: 9:00-17:00
الجمعة وعشية الأعياد: 9:00-14:00
تغلق مؤسسة "ياد فاشيم" أبوابها أيام السبت وجميع الأعياد اليهودية
الدوام:
الأحد-الخميس: 9:00-17:00
الجمعة وعشية الأعياد: 9:00-14:00
تغلق مؤسسة "ياد فاشيم" أبوابها أيام السبت وجميع الأعياد اليهودية
كان مصطفى هرداغا مسلماً يقيم في سرافييو عاصمة البوسنة (التي كانت آنذاك جزءاً من يوغسلافيا) حيث كان يملك عمارة مجاورة لمنزله استخدمها اليهودي يوسيف كابيليو مصنعاً لإنتاج مواسير المجاري والصرف والصحي. وكانت عائلة كابيليو تقيم في الطابق الثالث من عمارة محاذية للمصنع. في يوم ال-14 من أبريل نيسان 1941 ضرب الألمان فجأة واجتاحوا الأراضي اليوغسلافية بعد قصف جوي مكثف. ووجدت عائلة كابيليو الملاذ الآمن في الغابات المجاورة إلا أنها اكتشفت لدى عودتها أن منزلها الثلاثي الطوابق قد لحقت به أضرار جسيمة ولم يعد عملياً صالحاً للإقامة.
وقد فكر يوسيف كابيليو بنقل عائلته التي كانت تضم زوجته ريفكا وولديْهما بوينا – توفا (من مواليد 1938 وشهرتها حالياً غرينبرغ) وبنيامين (من مواليد 1927) إلى المصنع غير أن مصطفى رفض مطلقاً هذه الفكرة. وأصر مصطفى بالمقابل على أن تقيم عائلة كابيليو في منزله. وتستدعي زينبا ذكريات ما جرى: "إننا وجدناهم مُعْدَمين. لقد أحضرنا كل أفراد العائلة – يوسيف وزوجته وولديهما – إلى منزلنا. كانت هذه أول مرة يبيت فيها شخص غريب في منزلنا. وكان هذا الأمر محظوراً بالنسبة لنا نحن السيدات المحجبات بموجب أحكام الدين والتقاليد ، لكننا استقبلناهم بالكلمات الآتية: أيها يوسيف ، إنك أخونا ، وريفكا أختنا وولداكما – ولدانا ، وبيتنا – بيتكم وعليك أن تشعر به وكأنك في بيتك. إن نساء البيت سيبقين سافرات أمامك على اعتبارك جزءاً من العائلة. واليوم حيث أن حياتك معرضة للخطر لن نهجرك". ويشار إلى أن المنزل كان يؤوي إلى جانب أسرة مصطفى شقيقه عزت وزوجته بشرية.
عندما دخل الألمان المدينة ساءت ظروف اليهود. وأقدم جمع من المشاغبين مهيَّجاً بتحريض السلطات على نهب الكنيس القديم وإشعال النار في أسفار التوراة العائد تأريخها إلى أربعة قرون. ويستحضر يوسيف ذكريات ذلك المشهد: "شاهدت المنظر الفظيع وأنا مختفٍ وراء ستار في منزل مضيفي". وقد واسى مصطفى يوسيف وطمأنه بأن عائلته ستظل آمنة في منزله. غير أن يوسيف قرر بعد فترة إقامة قصيرة في منزل عائلة هرداغا ، خوفاً مما هو أسوأ ، أن ينقل عائلته إلى موستار التي خضعت آنذاك لحكم إيطالي وكانت نسبياً أكثر أمناً لليهود. وبقي يوسيف نفسه في سراييفو لتصفية أعماله إذ طالبت السلطات الموالية للنازية ب"أرْيَنَتها" مما يعني نقل ملكيتها لغير اليهود. وتم ضم البوسنة إلى كرواتيا التي خضعت لنظام حكم الأوستاشا شديد الولاء للنازية الذي تعاون مع الألمان في إجراءات اضطهاد اليهود وكذلك الأقلية الصربية الأكبر عدداً بكثير. ولم تمضِ إلا فترة قصيرة وقد اتهم المالك الجديد – الذي كان سابقاً مدقق حسابات الشركة – يوسيف بالسعي لتخريب المصنع مما اضطره إلى الفرار. وتمكن يوسيف بمعاونة صديق له من دخول مستشفى عسكري بداعي إصابته بمرض إلا أن حيلته قد تكشفت بعد إقامة شهرين في المستشفى وتم اعتقاله وإيداعه السجن.
وقد حل شتاء عام 1941-1942 وغطت الطرق الرئيسية حلة كثيفة من الثلج مما جعل من الصعوبة بمكان نقل السجناء إلى معسكر التجميع الكرواتي ياسينوفاتش السيئ الصيت حيث تم القضاء على آلاف من الأشخاص بمنتهى القسوة. وبالتالي تم اقتياد السجناء كل يوم وأرجلهم مقيدة بصلاصل لإزالة الثلوج من الشوارع. وانتبه يوسيف صباح ذات يوم إلى سيدة محجّبة تقف عن بعد مولولة. كانت هذه السيدة شقيقة زينبا. وقد أبلغت زينبا بوجود يوسيف قيد الحبس وبظروفه البائسة. ومنذ ذلك الحين وعلى امتداد شهر كانت زينبا أو سلفتها تحضر الطعام ليوسيف بكميات كانت كافية لتغذية بعض نزلاء السجن الآخرين أيضاً. وتمكن يوسيف آخر الأمر من الفرار وعاد إلى منزل مصطفى حيث تم استقباله ورعايته إلى أن استعاد عافيته. وتجنباً لتعريض أبناء عائلة هرداغا للخطر الناجم عن إقامته لديهم (علماً أن منزلهم كان قبالة مقر قيادة الشرطة السرية الألمانية "الغيستابو" في المدينة حيث كان بإمكان يوسيف أن يسمع صيحات السجناء الذين تم تعذيبهم في زنازين المعتقل) قرر يوسيف الهرب والانضمام إلى عائلته في موستار. وتمكن مواطن ألماني من معارفه السابقين في الأعمال من استصدار أوراق ثبوتية مزورة من أجله جاء فيها أن كابيليو يعمل في خدمة شركة "تود" الألمانية وتم إرساله إلى موستار الخاضعة للحكم الإيطالي حيث كانت عائلته بانتظاره. ويشار إلى أن عائلة هرداغا كانت قد أرسلت إمدادات مختلفة إلى عائلة يوسيف في موستار في الوقت الذي كان يوسيف نفسه محتجزاً.
وقد حل أبناء عائلة كابيليو لدى عودتهم إلى سراييفو بعد تحريرها ضيوفاً في منزل عائلة هرداغا لدة شهرين آخرين قبل مغادرتهم واستقرارهم آخر الأمر في إسرائيل. وعلم يوسيف كابيليو أن والد زينبا أحمد صادق قد وفر المأوى للمواطن اليهودي إزيدور بابو وزوجته فترة من الوقت. وكان ذلك مطلع عام 1942 حيث صادف صادق بابو وزوجته وولديْهما في محطة لسكك الحديد في كونيتشي. وقد بدأ الحديث بينهما حيث علم صادق أن أسرة بابو وصلت من دوبروفنيتش قاصدةً سراييفو. ونصحهم صادق بعدم التوجه إلى سراييفو إذ كان جميع سكانها اليهود عرضة للإبادة أو الترحيل ودعاهم بدلاً من ذلك إلى الإقامة في منزله حيث أنهم لبوا فرحين هذه الدعوة كونهم لا يملكون أي خيار آخر. وقد تم فيما بعد تسليم أحمد صادق إلى السلطات نتيجة إقدامه على هذا العمل إذ تم ترويعه وإرساله إلى معسكر التجميع ياسينوفاتش السيئ السمعة حيث فارق الحياة. أما زينبا فقد تزوجت مجدداً بعد وفاة زوجها مصطفى وأصبحت شهرتها سوسيتش ، كما أنها رُزقت بمولودة سُميت عايدة.
وفي عام 1984 قامت مؤسسة ياد فاشيم بتكريم مصطفى وزينبا هرداغا (سوسيتش) بشهادة تكريم "أنصار الشعب اليهودي" . كما تم تكريم شقيق مصطفى عزت وزوجته بشرية ووالد زينبا الشهيد أحمد صادق. وقامت زينبا سوسيتش في العام ذاته بزيارة لإسرائيل وغرست شجرة تحمل اسمها واسم باقي أفراد عائلتها الذين تم تكريمهم في جادة أنصار الشعب اليهودي في مقر مؤسسة ياد فاشيم.
غير أن القصة لم تنته بعد إذ أنني (كاتب المقالة بالديئيل) كنت ذات يوم من أيام شهر ديسمبر كانون الأول 1992 على وشك انتهاء دوامي في ياد فاشيم وشغّلت المذياع لأستمع إلى نشرة الأخبار ، وعندها علمت بتعرض سراييفو لقصف من أفراد الميليشيات الصربية من التلال المحيطة بالمدينة. وصرت أسائل نفسي كيف تتدبر زينبا سوسيتش أمرها. وفوراً اتصلت بتوفا غرينبرغ (كان والدها يوسيف كابيليو قد أصبح في ذمة الله) لأستكشف ما إذا كانت تملك أي أخبار عن السيدة التي أنقذتها في حينه. وأبلغتني توفا أنها تعلم باحتياج زينبا إلى الأدوية بسبب مشاكل القلب التي تعانيها. ولم تكن لإسرائيل في تلك الفترة أي ممثلية في البوسنة وبالتالي اتصلت بمكتب منظمة "الجوينت" اليهودية الأميركية في أورشليم القدس اعتقاداً مني بأنها تمد يد العون للجالية اليهودية المتضائلة في سراييفو المحاصَرة. وطلبت من سيدة تدعى بولين شومر السماح بإرسال الأدوية اللازمة للسيدة سوسيتش عن طريق ممثلية "الجوينت" في المدينة. ثم علمت بعد فترة قصيرة من أحد موظفي "الجوينت" السيد بار حاييم أن زينبا سوسيتش قد طلبت بدورها السماح لها بمغادرة سرافييو مع اليهود الذين تقرر إجلاؤهم من المدينة التي تتعرض للقصف. وكان هذا الأمر يستوجب تقديم طلب خطي إلى الرئيس البوسني ينطوي على ضمانات حول رعاية دولة إسرائيل للسيدة سوسيتش لدى وصولها إليها. وكانت منظمة "الجوينت" بدورها مستعدة لدعم سفرها مادياً. وتم توجيه رسالة بهذا الخصوص إلى رئيس البوسنة والهرسك في شهر أغسطس آب 1993 حيث تم بإلحاح شخصي مني توقيعه من قبل السيد شمشون عيدن الأمين العام لمؤسسة ياد فاشيم. وجاء في الرسالة ما يلي:
في يوم ال-22 من أكتوبر تشرين الأول من العام نفسه قضت زينبا بصورة مباغتة عن عمر يناهز 76 عاماً. وبناءً على طلبها أن توارى الثرى بين اليهود ، كما أخبرتني بذلك ابنتها عايدة ، عملت على تنظيم مراسم دفنها في قرية بيت زايت الواقعة في واد في سفح الجبل حيث مقر مؤسسة ياد فاشيم. وقد حضر مراسم الجنازة وزير الاستيعاب يائير تصابان الذي كان مجهوده قد أتاح وصول السيدة المرحومة الشجاعة إلى إسرائيل.
ويشكل عزم ابنة زينبا عايدة على اعتناق الديانة اليهودية خاتمة مثيرة لهذه القصة. لقد شرحت قرارها على النحو الآتي: "لقد مهد الله الطريق لنا فيما أعاد لنا الناس الطيبون في الوكالة اليهودية ووزارة الاستيعاب حياتنا.. عندما جئنا إلى هنا لم يكن بإمكاننا إلا لفظ كلمة ’شالوم‘ [سلام] في اللغة العبرية.. في البداية توليت واجبات البيت وشعرت بأنني محظوظة لأعيش مع يهود كثيرين في هذا البلد الرائع الذي جعلني أشعر بأنني ثرية". وعندما استفسرت الحاخامية اليهودية عن دواعي رغبتها في خوض مراحل اعتناق الديانة اليهودية قالت عايدة: "إذا ما خاطرت والدتي بحياتها من أجل اليهود فإنه من الطبيعي أن تحدوني الرغبة لأصبح يهودية. إنه ليشرّفني الانتماء إلى هذا الشعب. لقد وهبني الله فرصة لتغيير ديني واختيار الديانة اليهودية". وقد أصبحت عايدة تُدعى حالياً سارة فيما يدعى زوجها موشيه وابنتهما روت. إن سارة أصبحت سيدة متدينة بكل معنى الكلمة سواء بملابسها أو بحديثها حيث أنها تقول: "لقد عرف اليهود كيف يعيشون ويبقون في ظروف شديدة دون أن يكون لهم بلد أو وطن. وقد منحني قوة الاستمرار في هذا المشوار الأمل الذي كان يحدوني طيلة هذه الفترة بأن يقوم الشعب اليهودي بإنقاذنا. وقد أيقنت حتى لدى وقوفي في طابور الماء في الثالثة فجراً [في سراييفو] أن الغد سيكون أفضل حالاً عندما نأتي إلى إسرائيل".
وتم بناءً على طلب سارة توفير العمل لها وعدم تعويلها على تحويلات الرفاه الاجتماعي لدولة إسرائيل توظيفها في قسم الأرشفة التابع لمؤسسة ياد فاشيم (حيث أنها تتولى المسؤولية عن الجناح الخاص باللغة الصربية الكرواتية وما إلى ذلك). إنها تصف شعورها بنفسها: "إنه مكان مقدس ، مكان يدرك كيف يجب إحياء ذكرى الماضي والتأريخ من أجل المستقبل. إن عملي فني بمجمله لكنني أشعر بأن أي صفحة ألمسها تحمل وراءها قصة وأن أي اسم أدوّنه له أهميته". وقد خاطبت سارة ملتقيات واجتماعات مختلفة في خدمة منظمات يهودية إذ تقول في هذا السياق: "إنني أحاول أن أروي للناس عن الحياة في ظروف الحرب وعن الأهمية القصوى التي تنطوي عليها مساعدة إسرائيل لنا. إن إسرائيل وحدها استقبلتنا حيث كنا أربعة أشخاص يحملون حقيبة واحدة سبق ومروا في كثير من التجارب القاسية. ما زال هناك الكثير من الناس الذين يتعرضون للمعاناة في العالم ومن الأهمية بمكان مساعدتهم. إنني أحبذ مواصلة عمل والدتي المرحومة على هذا النحو".
The good news:
The Yad Vashem website had recently undergone a major upgrade!
The less good news:
The page you are looking for has apparently been moved.
We are therefore redirecting you to what we hope will be a useful landing page.
For any questions/clarifications/problems, please contact: webmaster@yadvashem.org.il
Press the X button to continue