لم يتم الكشف عن الصور الجوية التي التقطتها الأسلحة الجوية للحلفاء لمعسكر آوشفيتس إلا في سنة 1978 وذلك من قبل دينو بروغيوني وروبيرت بويرير الخبيرين في تفسير الصور الجوية واللذين كانا يعملان في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية.
وقد قام هذان الخبيران مستعينين بمواد تأريخية بحثية بإعادة تفسير صور جوية كانت مخزونة في أرشيف وكالة الاستخبارات الدفاعية بواشنطن.
وقد تم اقتناء جانب من هذه الصور لحساب "ياد فاشيم" بمساعدة إيلي فيزل (في سنة 1980) وحين قام الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر بزيارة إسرائيل في تلك السنة أتى بنسخ من أشرطة الصور الأصلية.
يعود سبب وصول طائرات الأسلحة الجوية للحلفاء إلى منطقة آوشفيتس إلى تواجد بعض المصانع الحيوية للاقتصاد الحربي في تلك المنطقة من سليزيا العليا وهي منطقة بولندية كان تم ضمها إلى الرايخ الثالث عام 1939. وفي مطلع عام 1944 وردت معلومات استخباراتية حول وجود مصنع ضخم للوقود والمطاط الاصطناعي في مونوفيتس.
وفي الرابع من أبريل أقلعت لأول مرة من قاعدة فوجا بجنوب إيطاليا طائرة موسكيتو تابعة لسرب التصوير الستين التابع لسلاح الجو الإفريقي الجنوبي للقيام بمهمة تصوير المصنع.
وكان المصنع يسمى IG Farben وكان موجودا في مونوفيتس البعيدة مسافة 4 كيلومترات فقط عن بيركناو. وكانت قد جرت العادة في تلك الأيام، ولضمان تغطية الهدف بأكمله، على تشغيل الكاميرا قبيل الوصول إلى ما فوق الهدف وتوقيفها بعيد اجتيازه، ما نتج عنه تصوير معسكر آوشفيتس الأصلي أيضا. وكان الحلفاء في تلك الفترة قد بدؤوا استعداداتهم لشن هجوم شامل على صناعة النفظ الألمانية فأصبح مصنع مونوفيتس في موقع متقدم من قائمة الأهداف.
وفي ال31 من شهر مايو أيار تم إرسال طائرة أخرى تابعة للسرب الستين إلى المنطقة، فكان أن التقطت ثلاث صور لبيركناو من علو 26 ألف قدم، غير أن مفسري الصور لم يقفوا على حقيقة المعسكر. وتُظهر لنا الصور الملتقطة في تلك الطلعة منظر المعسكر بعد ثلاثة أيام من وصول الشحنة البشرية التي وثقها ألبوم آوشفيتس. ولأسباب عملياتية مختلفة تأخر قصف مصنع مونوفيتس، ولكن الحلفاء واصلوا جمع المعلومات الاستخباراتية المتعلقة به وبعدد آخر من المنشآت الواقعة في تلك المنطقة، حيث قامت طائرات الموسكيتو التابعة لجنوب إفريقيا بتصوير المصنع وأجزاء من مجمع المعسكرات في 26\6 و25\8 و8\9.
وفي تلك الأثناء بدأ سلاح الجو التابع للجيش الأمريكي هو الآخر بتنفيذ طلعات استطلاعية فوق المنطقة. وقد تم تنفيذ أولى هذه الطلعات إلى منطقة آوشفيتس في 8 يوليو من خلال طائرة استطلاع من طراز F-5 لايتننغ تابعة لجناح التصوير الخامس التابع لسلاح الجو الأمريكي الخامس عشر. وقد استخدمت المعلومات التي تم جمعها من خلال تلك الطلعة وأخرى قام بها البريطانيون في تخطيط عملية القصف الأولى لمصنع مونوفيتس في 20 آب، والتي تضرر فيها المصنع ولكنه لم يدمر.
وفي 13 أيلول سبتمبر جرت عملية قصف ثانية فكانت من بين الصور الملتقطة خلال القصف الذي قامت به قاذفات قنابل من طراز B-24 تابعة لجناح القصف رقم 464 صورة تظهر فيها قنابل تسقط فوق بيركناو. وبعد القصف تم تنفيذ طلعات استطلاعية أخرى بغية تقييم الأضرار ومدى نجاح الألمان في إصلاحها.
واستمرت طائرات اللايتننغ في "زيارة" منطقة آوشفيتس في 29\11 و21\12 ثم في 14\1\1945 أي قبل أسبوعين فقط من تحرير المعسكر من قبل الجيش السوفييتي.
ومن المهم الإشارة إلى أن مفسري الصور الجوية الملتقطة لآوشفيتس لم يقفوا قط على حقيقة معسكر بيركناو رغم أن المعسكر رقم 3 اللاصق بمصنع IG Farben كان قد تم التعرف عليه على أنه معسكر اعتقال.