في الفترة ما بين سبتمبر أيلول من عام 1939، وهو موعد قيام ألمانيا بغزو بولندا، ويونيو حزيران من عام 1941، والذي تم خلاله غزو الاتحاد السوفييتي، مرت السياسة النازية نحو اليهود بتغيير ملموس، بحيث تلاشت إمكانية الهجرة والتي كانت صعبة المنال عشية الحرب أيضا. فقد كان العالم موزعا بين معسكرين متعاديين متحاربين. وقد تعمق العداء المتجذر لليهود والذي كان جزءا لا يتجزأ من الإيديولوجية النازية, في حين لم يعد موقف العالم من أوضاع اليهود عاملا يحسب له الألمان حسابا في تحديد سياستهم نحو اليهود. وفي مثل هذه الظروف باتت القيادة النازية تأتي ب"حلول" متنوعة للمشكلة اليهودية في المناطق الخاضعة لحكم الألمان، حيث كانت سياستهم في تلك المرحلة تقوم على حرمان اليهود حرمانا تاما من أي حق من حقوق الإنسان وحقوق المواطنة، بالإضافة إلى إهانتهم وعزلهم عن محيطهم ووضع حد لأي نشاط اقتصادي كانوا يقومون به واستغلال اليهود في العمل القسري وتجويعهم. ولبلوغ هذه الغايات تم جمع اليهود في الغيتوات. وشهدت تلك الفترة أيضا ترحيل اليهود من أراضي الرايخ الألماني وبوهيميا ومورافيا إلى بولندا المحتلة، وبدأ سنة 1940 تجميع آلاف اليهود في معسكرات العمل القسري أيضا. وبالرغم من أن مخطط الإبادة الجماعية لم يكن قد تبلور بعد، أصبح آلاف اليهود ضحايا للتردي الشامل في أوضاعهم المعيشية والأعمال الشاقة والمجاعة والأمراض والأحوال اللاإنسانية في الغيتوات والإرهاب الممارس ضدهم في معسكرات العمل. ويمكن وبحق تسمية هذه المرحلة من مراحل السياسة النازية نحو اليهود ب"الإبادة غير المباشرة".
وطُبّقت وسائل كثيرة متنوعة ضد اليهود عبر المحافظة العامة التي كان الألمان يحكمون من خلالها الأراضي البولندية إبان الشهور الأولى للاحتلال، ومن بينها العمل القسري للذين كانت أعمارهم تتراوح بين الرابعة عشرة والستين، وحظر تغيير المسكن وحمل شريط أبيض مرسومة عليه نجمة داود (النجمة السداسية) على الذراع الأيمن ومصادرة الممتلكات والغرامات المالية الجماعية. وخلال خريف العام 1939 بدأ الألمان بترحيل اليهود إلى أراضي المحافظة العامة من المناطق البولندية التي كان قد تم ضمها إلى الرايخ الألماني (الفارتغاو) وهي دانتسيغ (غدانسك) وبروسيا الغربية وبوزنان وسيليزيا العليا الشرقية. وما بين شهر اكتوبر من عام 1939 وشهر مارس من عام 1940 جمع الألمان ما يقارب ال95 ألف يهودي، أُتي ببعضهم من مدينة فينا، حول بلدة نيسكو المجاورة لمدينة لوبلين. وتم إيصالهم إلى منطقة مهجورة وهم يعانون البرد والمجاعة وصدرت لهم الأوامر بإنشاء مخيم. كان ذلك من ضمن الجهود التي بذلها الألمان لإنشاء "محمية" يهودية في منطقة نيسكو-لوبلين. وكانت نيتهم تتجه إلى الإتيان باليهود من مناطق كانوا يخططون لجعلها مناطق "نقية" من اليهود. وكان الهدف من وراء جمع اليهود في تلك المنطقة دون سواها تسهيل مراقبتهم واستغلالهم في العمل القسري والقضاء عليهم من خلال المجاعة والأمراض. ولكن المخطط تم التخلي عنه ويرجح أن يكون السبب عائدا إلى خلاف ناشئ حول تقاسم المسؤولية بين فروع الإدارة النازية. وعليه توقفت في آذار عام 1940عمليات الترحيل إلى ما سمي بالمحمية.
وكان مخطط آخر ل"حل المشكلة اليهودية" في المناطق الخاضعة للسيطرة الألمانية يتعلق بمستعمرة مدغشقر الفرنسية، حيث اقترح مسؤول في الخارجية الألمانية في منتصف سنة 1940 وبعد سقوط فرنسا في أيدي الألمان تجميع أربعة ملايين من اليهود الأوروبيين في جزيرة مدغشقر، حيث كانوا سيخضعون لرقابة ألمانية كاملة. وبعد احتلال البريطانيين للجزيرة تم التخلي عن هذا المخطط أيضا. وفي أعقاب هذه التطورات وبعد زوال خيار الهجرة جراء الحرب وإلغاء مخططي نيسكو-لوبلين ومدغشقر، أخذت القيادة الألمانية تتوصل إلى نتيجة مفادها أن طرقا أخرى يجب توخّيها للتعامل مع اليهود الأوروبيين. وكانت الغيتوات ومعسكرات الاعتقال النازية ومعسكرات العمل ستلعب دورا رئيسيا في خطط الألمان، علما بأنه في تلك المرحلة كان مسؤولو الإس.إس. ما زالوا يأملون في أن يكون دفع اليهود إلى الداخل السوفييتي عاملا مساهما في الحل. وثمة من يعتبر ذلك مرحلة متوسطة على الطريق إلى القتل الجماعي الممنهج الذي بدأ تنفيذه بعد غزو الألمان للاتحاد السوفييتي في الثاني والعشرين من حزيران عام 1941.