بلغ عدد اليهود الذين تم إبادتهم خلال الهولوكوست نحو ستة ملايين نسمة من مختلف الأعمار والطبقات الاجتماعية. وإضافة إلى المليونين من اليهود الذين بقوا على قيد الحياة في الاتحاد السوفييتي تمكن مئات الآلاف بطريق من الطرق من البقاء في المعسكرات النازية حتى التحرير. وقد رفض معظمهم العودة إلى بيوتهم المتهدمة وأرضهم المرتوية بالدم اليهودي والرماد، ليبدؤوا حياتهم من جديد في المهجر يغمرهم الشعور بالمصاب وتطاردهم الكوابيس القاسية. لقد كان هدفهم الأول العثور على قريب من أقربائهم أو يهودي من أبناء شعبهم نجا من فظائع الهولوكوست. ولكن معظمهم لم يوفقوا إلى ذلك.
أما اليهود الذين حاولوا العودة إلى بيوتهم رغم كل شيء ، فكثيرا ما لاقوا من جيرانهم السابقين العداء والتبرم، بل والغضب العارم، فقد كان العديد من السكان المحليين يخشون أن يطالب اليهود بتعويضهم عن ممتلكاتهم المسروقة. وخلال الشهرين اللذين أعقبا التحرير، قتلت عصابات لاسامية نحو 1000 من الناجين اليهود.
بعد انتهاء الحرب حشد الحلفاء عشرات الآلاف من الناجين في معسكرات للنازحين في ألمانيا والنمسا وإيطاليا، ثم انضم إليهم شيئا فشيئا مئتا ألف من يهود أوروبا الشرقية الذين كانوا التجؤوا إلى الاتحاد السوفييتي خلال الحرب، ثم عادوا إلى أوروبا. وطوال إقامتهم في هذه المعسكرات كرس الكثيرون منهم جهودهم لإعادة بناء حياة هادفة ذات مغزى، فبادروا لإنشاء أطر تعليمية وتنظيم نشاطات ثقافية وعبادة دينية. ودخلت معظم جهودهم، إن لم تكن جميعها، في إطار التمهيد لمغادرة أوروبا وبناء حياة مثمرة في مكان آخر.
أما القيادة النازية فقد أحيلت بعد الحرب إلى محكمة دولية في نورمبرغ ليتم محاسبتها عل ما اقترفته من جرائم بحق السلام وبحق البشرية. وقد تمحور جانب كبير من المحاكمة حول جرائم النازية بحق الشعب اليهودي، والتي كانت في الصلب من الرؤية ونظام الحكم النازيين.