في أعقاب مؤتمر فانزي تم إنشاء معسكري إبادة جديدين في منطقة لوبلين لينضما إلى معسكر بلجيتس، وهما سوبيبور وتربلينكا. ودخل أول هذين المعسكرين، أي سوبيبور، طور التشغيل الفعلي في آذار 1942، تلاه تربلينكا في حزيران العام نفسه، بحيث أصبحت المعسكرات الثلاثة تسمى "معسكرات عملية راينهارد". وكانت المعسكرات الثلاثة تعمل بالأسلوب نفسه لإبادة اليهود وهو الآتي: كان الغاز يتم بثه في غرف محكمة السد بواسطة محركات ديزل كبيرة، وكان اليهود المحشورون في داخل الغرفة وهم عراة يموتون بسرعة، ثم يتم الإلقاء بجثثهم في حفر ضخمة. وفي مرحلة لاحقة، ولطمس كافة آثار الجريمة، كانت الجثث يتم إخراجها من الحفر وحرقها لتقوم ماكنات خاصة بتهشيم عظامها ودقها لتصبح مسحوقا. وكانت المعسكرات الثلاثة "مصانع موت" حقيقية، تستغرق دورة الإبادة فيها زهاء ساعتين من الزمن، تليها دورة جديدة تطال دفعة أخرى من الضحايا وهكذا دواليك.
ومن ممييزات هذه المعسكرات أنه لم تكن تتم فيها عمليات الفرز التي استهدفت الفصل بين القادرين على العمل ليتم استغلالهم في الأعمال الشاقة قبل قتلهم وبين العاجزين عنه والذين فضل الألمان قتلهم فورا. ومع ذلك كانت ثمة مجموعات صغيرة من اليهود اختارهم الألمان للمساهمة في بعض مراحل عملية الإبادة، مثل فرز ثياب الضحايا وحزمها وإزالة الشعر عن رؤوس الجثث وإخلاء غرف الغاز ودفن الموتى وحرق جثثهم. وكان هؤلاء اليهود ينتمون لما كان يسمى الكوماندو الخاص وكانوا يعملون تحت نظام يقوم على الترهيب والتخويف، وكان بعضهم يُدخل بهم في غرف الغاز بعد فترة وجيزة ليستعاض عنهم بغيرهم.
وكان كل من تلك المعسكرات يشغله ما بين 25 و30 من أفراد الإس إس بالإضافة إلى ما بين 100 و120 أوكرانيا تم اختيارهم للعمل من بين أسرى الحرب السوفييت. وكان هؤلاء "المتطوعون" الأوكرانيون يتلقون التدريبات الخاصة في معسكر تابع للإس إس في ترافنيكي، قرب مدينة لوبلين. أما معسكرات الإبادة الثلاثة ذاتها فكانت مواقعها في مناطق معزولة فرضت عليها الحراسة المشددة كي لا يستطيع أحد من الخارج، قريبا كان أم بعيدا، مجرد تصور ما يجري بداخلها.
في معسكر الإبادة تربلينكا تم إبادة ما يقارب ال870 ألف يهودي وفي معسكر الإبادة بلجيتس تم إبادة أكثر من 500 ألف يهودي وفي معسكر الإبادة سوبيبور تم إبادة ما يقارب ال250 ألف يهودي.
وقد بلغ مجموع من طاله القتل من اليهود داخل المعسكرات الثلاثة ما يربو على مليون ونصف المليون نسمة.
ومن بين معسكرات الإبادة الأخرى معسكر مايدانك الذي تم إنشاؤه في ضواحي مدينة لوبلين. وكان المعسكر قد بدأ عمله في عام 1941 كمعسكر لأسرى الحرب السوفييت، انضم إليهم فيما بعد آلاف البولنديين. وفي سنة 1942 بدأ توجيه اليهود أيضا وبالآلاف إلى المعسكر، حيث بلغ مجموع من تم قتلهم فيه ما يقارب ال90 ألفا معظمهم (70 ألفا) من اليهود. وكما ذكر آنفا، فإن العشرات من معسكرات العمل والاعتقال تم تحويلها فعلا إبان الحرب إلى معسكرات للإبادة. وفي سنة 1942 كانت الأجواء قد أصبحت مهيأة إذاً لتنفيذ "الحل النهائي والشامل" لا من خلال الإعدامات الجماعية برصاص فرق الإعدام وحسب، بل ضمن "مصانع الموت" التي باتت ستحصد ملايين الأرواح خلال فترة وجيزة.