كانت القوات الألمانية المسلحة قد غزت الاتحاد السوفييتي في ال22 من شهر حزيران عام 1941 (عملية برباروسا). وخلال أيام معدودة بدأت وحدات خاصة تابعة لفرق الإس إس والمسماة بالآينزاتسغروبي بما وصف بتهدئة المناطق المحتلة حديثا، وذلك تنفيذا لأوامر كانت قد تلقتها في الربيع.
وكان اليهود من البداية الهدف الرئيسي لعمليات القتل. وانضمت إلى الإس إس في حملة القتل وحدات الجيش الألماني النظامي ووحدات مختلفة من الشرطة بالإضافة إلى العملاء المحليين. وكان الجميع ضالعا في عملية القتل الجماعي. في البداية لم يتعرض الأطفال والنساء من اليهود لإطلاق الرصاص، ولكن القتل الجماعي طالهم أيضا في أواسط شهر آب أغسطس. أما السبب فيعود إلى الزيارة التي قام بها هاينريخ هيملر للجبهة، حيث تبين أنه لم يعد ثمة حل إقليمي للمشكلة اليهودية, ما فتح الباب أمام القتل الجماعي الممنهج داخل الأراضي النازية. وينشأ عن ذلك أيضا أن النساء والأطفال اليهود لم يعد ممكنا اعتبارهم قوة عاملة، وعليه فمن الواجب التخلص منهم إذ ليسوا سوى أفواه جائعة لا فائدة ترجى منها. هكذا أصبح جميع اليهود في تلك المناطق يعيشون تحت حكم الإعدام.
ونرى هنا بوضوح التفاعل القائم بين الإيديولوجية النازية وبين النزعة البراغماتية النازية المريضة، كما نرى كيف بدأت عدة خطوط مختلفة في الالتقاء، إذ إنه أولا لم يكن اليهود يُعتبرون جزء من المجتمع الألماني، بل كان ينظر إليهم على أنهم يشكلون خطرا "بيولوجيا"، مما يغني عن معاملتهم معاملة الإنسان للإنسان، وثانيا، كان حل المشكلة اليهودية على رأس سلم الأولويات، وعند بدء الحرب على الاتحاد السوفياتي توقف التفكير في جميع الخطط الهادفة إلى دفع اليهود خارج الأراضي النازية. ثالثا: كانت لدى النازيين خطط شاملة لإعادة توطين كتل سكانية بأكملها، وكان أي وجود لليهود في منطقة بعينها يعتبر مشكلة خطيرة. رابعا: كانت القوات النازية قد قامت منذ بدء الحرب بتنفيذ عمليات القتل الجماعي، حيث قتل آلاف البولنديين خلال "عملية AB" كما قتل آلاف اليهود قبل بدء العمل "بالحل النهائي"، وإن لم تكن عمليات القتل ممنهجة بعد. أما بعد دخول الاتحاد السوفييتي فقد أصبح القتل الجماعي الممنهج عملية مؤسسية، وحين أصبح القتل الجماعي الممنهج أداة مقبولة ومنتشرة، بات في الإمكان تسويغ عمليات القتل بنقص في الإغذية أو أزمة سكن مزعومة وجعلهما أسبابا لمثل هذه الأعمال، وهو ما حدث فعلا في مدينة ستانسلاف الواقعة ضمن إقليم غاليتسيا الذي كان تم احتلاله. فبحسب دراسة قام بها توماس زاندكولر تم في يوم الغفران اليهودي الذي صادف أحد أيام شهر اكتوبر تشرين الاول من عام 1941 قتل ما يربو على نصف الطائفة اليهودية البالغ تعدادها 20 ألف نسمة، لكون الموقع المخصص لإنشاء الغيتو لا يتسع لجميع الطائفة. وفي فترة لاحقة، وبعد إنشاء معسكرات الإبادة، أصبحت اعتبارات "عملية" مختلفة مصحوبة بتذبذبات محلية في مدى الحاجة إلى تشغيل اليهود، أو تجاذبات داخلية ضمن السلطة الألمانية, تدخل في عملية اتخاذ القرارات المتعلقة بتحديد مواعيد عمليات الترحيل والمجموعة اليهودية التي ستطالها هذه العملية أو تلك. ولكن حين تحول "الحل النهائي" إلى سياسة متبعة، أصبح قتل اليهود جميعا هو الهدف النهائي.
بعد غزو الألمان للاتحاد السوفييتي في الثاني والعشرين من حزيران 1941، انهارت جميع أجهزة الحكم السوفييتية، وخلال أسابيع معدودة احتل الجيش الألماني مناطق شاسعة كانت تضم تجمعات كبيرة من اليهود. كانت بين تلك المناطق أراض سوفييتية أصلية ( اوكرانيا وبلاروس، والمناطق الغربية للجمهورية الروسية السوفييتية الاتحادية الاشتراكية) وأخرى كان الاتحاد السوفييتي قد ضمها إلى اراضيه خلال عامي 1939-1940 (شرق بولندا، ليثوانيا، لاتفيا، إستونيا، بيسارابيا، وشمال بوكوفينا). وكان مجموع عدد السكان اليهود في جميع هذه الأراضي عشية الغزو الألماني قد بلغ ما يقارب ال-3.9 مليون نسمة.